منطق الوصل والفصل
منطق الوصل والفصل
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
إن لفظ (الوصل) استخدمه أهل المنطق العلوي لمعرفة صلة التجلي، فالقول: (إن الماهيات متصلة)، إنما يدل على مكانتها ورفعة مقامها، لا كما فسر الحلوليون بأن عدم الفصل حلول، وأن وصلها بالجوهر يعني الاتحاد، فاستحقوا وصف سيدنا المسيح (ع) لهم بقوله: (الحق أقول لكم: إن هؤلاء يشهدون بما لم يروا ولم يسمعوا قط، ويقضون دون أن ينصبوا قضاةً، وإنهم لذلك مكروهون على الأرض أمام عيني الله الذي سيدينهم دينونةً رهيبةً في اليوم الآخر).
والجوهر لا يوصف بوصل ولا فصل، ومن طلب معرفة كنه الرب بالماهية فهو تائه لأن الرب فوق الماهية، بدليل قول الفيلسوف الأعظم أفلاطون: (الباري ليس بماهية، بل هو أسمى من الماهية، وليس بصفة لأنه سابق لكل الصفات)، فإدراك جوهر الرب أمر محال، لأن العقول لا تدرك جوهر الرب.
وعليه فإن الماهية من العقل كالأبد من الأبدي والأزل من الأزلي والسرمد من السرمدي، لأنه من غير المنطقي أن يكون الجوهر والماهية شيئًا واحدًا، وأن يكون الجوهر من الماهية والماهية منه، فالجوهر غير الماهية والماهية غيره، ولا شيء مشترك بين الجوهر والماهية على الإطلاق، بدليل قول الإمام علي (م): (لا يقال له: أين؟ لأنه أين الأينية، ولا يقال له: كيف؟ لأنه كيف الكيفية، ولا يقال: ما هو؟ لأنه خلق الماهية).
كما لا يمكن أن يندرج الجوهر في جنس الماهيات لأنه لا ماهية له، وبما أن الرب هو الموجد للأجناس فمن المؤكد أن يكون جوهرًا قائمًا بذاته لا جنس له ولا ماهية، فليس لجوهر الرب هيئة ولا كيفية ولا فصل ولا حد، لأنه ليس من ماهية أهل الحس ولا من ماهية أهل العقل.
لذلك كانت الغاية إثبات التجلي، حيث ورد في سفر النبي العظيم إشعياء (ع) قول الرب: (اطلب لنفسك آيةً من الرب إلهك… أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات… أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي. نطقتك وأنت لم تعرفني… إن الجبال تزول، والآكام تتزعزع، أما إحساني فلا يزول عنك، وعهد سلامي لا يتزعزع). ومن زعم أن هناك غايةً غير التجلي كان من أهل الإنكار والتعطيل، بدليل ما ورد في مزامير سيدنا النبي العظيم داؤود (ع): (قلت: “اطلبوا وجهي”. وجهك يا رب أطلب. لا تحجب وجهك عني).
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا
شكرا جزيلا على دقة التوضيح وتقديم هذة الفائدة الكبيرة..
العفو