منطق الشهادة العلوي
منطق الشهادة العلوي
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
إن الرب أراد بعدله نفي التعطيل والإنكار الممثولين بعبادة العدم، والتأكيد على الإثبات الدائم الممثول بالقول بالوجود وإثبات تجلي المعبود، بدليل ما ورد في المزامير الداؤودية: (عدلك عدل إلى الأبد وشريعتك حق).
وإن هذا التجلي يكون مثبتًا بالسمات والحدود كعلامة لرؤية السالكين، كما أشار سيدنا المسيح بقوله: (إن كل ما أقول هو لمعرفة الله ولخدمة الله)، لكن كنه الرب يجل عن أن تحيط به الأقوال والأفعال والإدراكات.
لذلك ينبغي للسالك دائمًا أن يميز بين الشهادة والمشهود، بدليل قول الفيلسوف العظيم أفلاطون: (مستحيل أن يكون عين الكنه والوجود واحدًا)، فالشهادة التي يشهدها السالك العارف هي المشهود بمعنى الوجود والإثبات، لا بمعنى الحصر والإدراك والإحاطة.
وقد أكد منطقنا العلوي بأن جميع تقلبات الشهادة من قبل السالكين، وأنها لا يمكن أن تقع في جوهر المشهود، لأن معرفة السالك وبصره محدودان لا يقدران أن يشهدا إلا الشهادة، أما جوهر المشهود فهو بخلاف أعراض الشهادة لأنه يجل عن التقلب والتعدد والحصر والإحاطة، فلا الأفكار تستطيع تقديره، ولا اللسان يستطيع وصفه، ولا العقول ولا الحواس بقادرة على أن تدركه، بدليل قول الإمام علي (م): (لا تدركه الأبصار، ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنن في الأسرار).
فمن أوقع جوهر المشهود تحت تقدير الأفكار ووصف اللسان وإدراك العقول والحواس فهو مشبه مشرك، ومن نفى الشهادة وأنكرها فهو ناف معطل، أما من أثبت تجلي المشهود وأفرد جوهره عن السمات والحدود فهو السالك المحق.
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا