منطق السمات الأولية والآخرية
منطق السمات الأولية والآخرية
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
إن حقيقة المعطلين تقوم على رفض وإنكار التجلي العقلي والحسي، وهذا أصل متأصل في نفوسهم، لأن من لم يثبت أولاً لن يثبت آخرًا، وستكون عبادته لغير الرب، ولن تنفعه شيئًا، لأنه قسم الرب إلى حد موهوم لا يتجلى أبدًا، وحد مفقود ماهيته العدم، وهؤلاء قد أشار إليهم سيدنا المسيح (ع) بقوله: (الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله).
وبالمقابل فإن منطقنا العلوي لم يدع إلى إنكار التجلي تعطيلاً، إنما دعا إلى نفي سمات التجلي الأولية والآخرية عن جوهر المتجلي بعد إثبات التجلي.
فالأقوال الدالة على سمات التجلي الأولية والآخرية كثيرة، منها قول الإمام علي (م): (الأول لا شيء قبله، والآخر لا غاية له)، وقوله: (هو الأول لا أول له، والآخر لا آخر له)، وهذا يعني أن منطقنا العلوي يؤكد الدليل على دوام التجلي أولاً وآخرًا.
ولما كانت معرفة التجلي من أجل المعارف وأعظمها وأوجبها على السالكين، كان من الواجب الاستدلال عليها بالعقول والحواس، والإقرار بأنها غاية كل سالك، لأن المتجلي أحد لا يقع تحت التثنية والزوجية لقول الإمام علي (م): (الأحد لا بتأويل عدد)، ولا يحل بغيره عند تجليه، فحلوله بغيره يؤدي إلى الشرك، ولا يجوز في عدل التجلي أن يحل بغيره فتكون الشهادة لغيره لا له، ويكون المتجلي غيره، وقد أشار لذلك الفيلسوف العظيم أفلاطون بقوله: (الحق أحد لا شريك له، وإلا لحد الشريك من سلطته، إذ لا يثبت له الكمال إلا إذا كان لا حد له).
فشهود التجلي عدلاً يوصل إلى إثبات وجود الرب، وإثبات وجود الرب يزيل اللبس ويجلو الران، وهو ما أشير إليه في المزامير الداؤودية: (عادلة شهاداتك إلى الدهر، فهمني فأحيا).
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا