المنطق العلوي

منطق التجلي الوجودي الأصلي

منطق التجلي الوجودي الأصلي

بقلم الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو

 

إن مقصد السالكين في منطقنا العلوي هو عدم الخلط بين الأصل والأصول، فالرب هو الأصل الموجد الذي أبدى الأصول الموجودة وأظهرها إلى الوجود، فجعلها أصولاً للفروع، وأمر بإبدائها تحقيقًا للميزان الثـنائي.

وقد نهى الرب عن أن تضاف الأصول إلى جوهر الأصل، فالرب هو الأصل، ومن قال: إن الأصول هي الأصل فقد أشرك. ومن قال: إنها تكوينات للأصل فقد صدق. وهو ما أراده الرب في قوله الوارد في الإنجيل: (يا عبدي أنا الحي الذي لا أموت، اعرفني حق معرفتي أجعلك حيا لا تموت)، نهيًا عن المساواة بين الأصل والأصول، والغلو في الأصول، وهو ما حذر منه سيدنا المسيح (ع) بقوله: (متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شًيئًا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي).

وقد ذكر الرب الشجرة في طور سيناء تمثيلاً لمنطق إفراد التجلي الوجودي الأصلي، والتكليم والصمت من النار تمثيلاً لمنطق الإشراق والإغراب، وجعل السالكين عارفين بتمثيل هذه الشجرة.

ففي قصة الكليم موسى (ع) معان عظيمة تدل على منطق التجلي الوجودي الأصلي، حين خاطبه ربه فقال كما ورد في العهد القديم من الكتاب المقدس: (انظر. قد جعل الرب إلهك الأرض أمامك. اصعد تملك كما كلمك الرب إله آبائك! لا تخف ولا ترتعب! أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية)؛ أي: أنا ربك المتجلي لك ومحررك من عبودية الوهم والعدم، (اخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة)؛ وهي مقدسة بإثبات منطق التجلي الوجودي الأصلي، (اذهب واجمع شيوخ إسرائيل وقل لهم: الرب إله آبائكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ظهر لي قائلاً: إني قد افتقدتكم وما صنع بكم في مصر)؛ فافتقادهم اختيارهم لمعرفة حقيقة منطق التجلي الوجودي الأصلي، (هوذا الرب إلهنا قد أرانا مجده وعظمته وسمعنا صوته من وسط النار)؛ وحيًا لموسى وهدايةً لقومه، (فاحترزوا لتعملوا كما أمركم الرب إلهكم. لا تزيغوا يميناً ولا يساراً)؛ لأنه لا تكون عبادة السالكين عندنا للأصول، بل لجوهر التجلي الوجودي الأصلي.

فالسالكون عندنا يثبتون منطق التجلي الوجودي الأصلي أولاً، ثم يأتون بإفراد الأصل عن قيود الأصول والأعراض المتكثـرة ثانيًا، لأنه أحد لا يتعدد ولا يتغير ولا يتكثر، بل التعدد والكثرة من قبل قوابل السالكين. وهنا جاءت كلمة (سبحان) لتعني إفراد الأصل عما لا يليق به، حيث سئل الإمام علي (م) عن تفسير (سبحان الله) فقال: (تعظيم وتنزيه الباري عما قال فيه كل مشرك)، فالتسبيح للرب هو إفراده بالجوهرية الأصلية بعد إثبات منطق التجلي الوجودي الأصلي.

 

الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو

لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا

منطق التجلي الوجودي الأصلي

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى