الطريق والحياة في المنطق العلوي
الطريق والحياة في المنطق العلوي
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
زعم أهل القياس أن الأعراض الإيجابية تتلاءم مع تفرد الجوهر الفرد بالأزلية، وكذلك الأعراض السلبية!!
لقد رد عليهم منطقنا العلوي بقول المعلم الأول أرسطو: (لا يستثنى من الكائنات إلا الجوهر الفرد، أي أن الجوهر الفرد لا يعتبر كائنًا من الكائنات الحقيقية).
فهؤلاء أثبتوا الماهيات وغيرها من الأعراض الإيجابية والسلبية على الجوهر الفرد، إلا أن هذه الماهيات والأعراض تقع في المخلوق، ولا تقع في الجوهر الفرد المستغني عن الأعراض، فهل يعقل أن الجوهر الفرد سيكون محتاجًا للقوة وانعدام الوهن حتى يكون قويا؟ وهل يعقل أن الجوهر الفرد سيكون محتاجًا للحركة وانعدام السكون حتى يكون متحركًا؟ إذن هو مفتقر إلى الماهيات والأعراض محتاج إليها، ولو أن هذا الكلام صحيح لكان سبب إظهار الوهن هو انعدام القوة!! وسبب إظهار السكون هو انعدام الحركة!! فهل يجوز هذا على الجوهر الفرد؟
إن الجوهر الفرد لا يقع عليه ما يقع على الخلق، وإلا وقع الشبه المؤدي إلى الباطل، وعلى هذا فإننا عندما نقول: إن الجوهر الفرد منفرد عن الماهيات، فهذا لا يعني أن نفيها يوجب أن يقع عليه ضدها؛ بل يعني أنه أجل من الماهيات لأنه يظهرها ويخفيها كيفما شاء، فله المشيئة في إظهارها أو إخفائها.
وعلينا أن نفهم العبرة من قول سيدنا المسيح (ع): (أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي، لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا)؛ فالطريق والحياة أعراض وجودية أظهرها لإثبات الوجود وتبيان الحق، فلا يعقل من جهة أن يشابه الجوهر الفرد خلقه بنفس الماهيات والأعراض، وبنفس الوقت لا يجوز أن يكون الجوهر الفرد متعددًا، إنما هو جوهر أحدي صمدي مجرد، يبدي ما شاء من الأفعال والأعراض التي لا تفاضل بينها، ويخفي ما شاء منها، دون أن تكون هذه الماهيات والأعراض كنهًا له، ولا يجوز أن نوقع عليه بعض الماهيات والأعراض دون البعض الآخر لقول الإمام علي (م): (إثبات بعض التشبيه يوجب الكل، ولا يتوجب كل التوحيد ببعض النفي دون الكل).
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا