أنواع الشك
أنواع الشك
بقلم: الدكتور أحمد أديب أحمد
هل يلحق الشك بأهل الإيمان أم أنه ليس من صفاتهم؟
سأل أحدهم الإمام الصادق علينا سلامه عمن شك في رسول الله (ص) فقال: (كافر)، فسأله: فمن شك في كفر الشاك فهو كافر؟ فأمسك الإمام عنه، فردد عليه ثلاث مرات فاستبان في وجهه الغضب.
فالشك في النبي (ص) هو الشك بعصمته التكوينية ونفيها عنه وإثبات البشرية عليه، وهذا كافر بقول الإمام الصادق علينا سلامه، ولكن البعض من المقصرين يضعفون عن فهم هذا الأمر، فيضعون المبررات والحجج، بأنه أخ بالإنسانية وأن الواجب عدم تكفيره، وهذا من الهراء والتخبط والجهل والتقصير، لأن المؤمن المقصر قد يصل إلى مرحلة يشبه الكافر في تصرفاته، فلو أجاب الإمام ب(نعم) لفهم السائل أن المؤمنين المقصرين كفار وهذا لا يجوز، ولو أجاب بـ(لا) لفهم السائل أن المنافقين الذين يرفعون شعارات التلاقي الإنساني والديني بحجة تمرير المشاريع الفتنوية هم من المؤمنين وهذا محال، فصمت الإمام علينا سلامه عن الإجابة لأنه ليس قانونًا ثابتًا يمكن تعميمه على الجميع.
ولشرح كيفية معرفة الشك نورد ما جاء عن أمير المؤمنين الإمام علي (م) أنه قال: (الشك على أربع شعب: على المماراة، والهول من الحق، والتردد، والاستسلام للجهل).
فالمماراة من المراء وهو الجدال والريب والشك حيث يقال: (خبر لا مراء فيه) أي لا ريب ولا شك فيه، ويقال: (رأي لا مراء فيه) أي لا جدال فيه، والمرية هي الشك كما في قوله تعالى: (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك)، وقوله: (ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتةً أو يأتيهم عذاب يوم عقيم). فمن وجدناه مماريًا مجادلاً في التوحيد غير مقتنع به عرفنا أنه من أهل الشك بدليل قوله تعالى: (فبأي آلاء ربك تتمارى)، لأن أهل اليقين لا يجادلون بالتوحيد بل يسعون سعيهم للنظر للآلاء الربانية إثباتًا والاعتبار بها إفرادًا، لأنهم يعرفون أنها وسيلة للوصول إلى الغاية لا غاية بحد ذاتها، فإذا ماراك المشبهون الشاكون وجادلوك في الأمور التوحيدية اليًقينية فاقصر عن مجادلتهم إلا بما هو متاح لهم من علم الإثبات، ولا تخض معهم في علم التنزيه لقوله تعالى: (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرًا ولا تستفت فيهم منهم أحدًا).
وقال أمير المؤمنين الإمام علي (م) متابعًا وشارحًا: (فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه)؛ أي من كبرت عليه معرفة التوحيد الحق لأنه معطل، سينكص ويرتد إلى شكه ويرجع إلى كفره لا محالة، فلا تعطوا المعطلين أكثر مما يستحقون من علوم الإثبات لأنها ستهولهم وتردهم أكثر.
وقال أمير المؤمنين الإمام علي (م) متابعًا: (ومن امترى في الدين تردد في الريب، وسبقه الأولون من المؤمنين، وأدركه الآخرون، ووطئته سنابك الشيطان)؛ أي من لمستم منه حيرةً وشكا في المعرفة التي وصل إليها، فاقطعوها عنه، لأنه مقصر تائه في متاهات التشبيه تارةً والتعطيل تارةً أخرى، متردد بعيد عن اليقين، سلم نفسه لحبائل الشيطان وجنوده فاستولوا عليه وجعلوه أداةً لهم في مقارعة الحق.
وقال أمير المؤمنين الإمام علي (م) متابعًا: (ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين، ولم يخلق الله خلقًا أقل من اليقين).
نكتفي لعدم الإطالة والله أعلم
الباحث الديني العلوي الدكتور أحمد أديب أحمد
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا