معاني قرآنية

حكم الزنى عند العلويين النصيريين

حكم الزنى عند العلويين النصيريين

بقلم: الدكتور أحمد أديب أحمد

 

هل الزنى يقضي بالخروج من الإيمان ويحكم بالكفر على الزاني؟

 

يقول تعالى في كتابه العزيز: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً)، لأن الزنى العقلي والحسي من الكبائر التي نهى الله عنها وأمر باجتنابها، ولكن السؤال المطروح دقيق أخطأت العامة في الحكم عليه نتيجة الخلط والتخليط.

لابد في البداية من التذكير بقوله تعالى: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون)، وقد أمر الله تعالى عباده باجتناب المعاصي ومنها بإيجاز ما ورد في سورة الإسراء: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)، (ولا تقربوا الزنى)، (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، (ولا تـقـربوا مال اليتيم)، وهي جميعًا قد تلحق بالمقصـرين ويحاسـبون عليها لقوله تعالى: (كل ذلك كان سـيـئـه عند ربك مكروهًا)، أما ما يستوجب جهنم بلا رجعة فهو الشرك لقوله تعالى: (ولا تجعل مع الله إلهًا آخر فتلقى في جهنم ملومًا مدحورًا)، وقوله جل جلاله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدًا).

فالزنى لا يخرج المسـلم إلى حد الشرك والكفر الذي يستوجب جهنم والخلود فيها لقول الإمام الصادق علينا سلامه: (الزنى واللهو ففاعل هذه الأفعال كلها مفسد للإيمان، خارج منه من جهة ركوبه الكبيرة على هذه الجهة، غير مشرك ولا كافر ولا ضال، جاهل على ما وصفناه من جهة الجهالة)، بل يطبق على الزاني حد الزنى في قوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)، وذلك ليتوب عن ذنبه.

هذا يعني أن المسلم المقصر المشبه والمعطل قد يزني، ولكن الزنى لا يخرجه من الإسلام بل يخرجه من الإيمان، بدليل قول أمير المؤمنين الإمام علي (م) في نهج البلاغة: (وقد علمتم أن رسول الله رجم الزاني المحصن ثم صلى عليه ثم ورثه أهله)، فلو أنه خرج من الإسلام لما صلى عليه سيدنا النبي محمد (ص)، وقد قال تعالى في سورة التوبة: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون)، وهم الذين تخلفوا عن الجهاد معه.

أما المؤمن البالغ بالمعرفة فلا يزني بعكس ما نسبته الحشوية والمقصرة لرسـول الله (ص) من أن المؤمن قد يزني!! فالزنى العقلي والحسي محرم على المؤمنين لقوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)، أي لا يرتكبه مؤمن بالغ، بدليل قول الإمام الصادق علينا سلامه: (إذا زنى الرجل أخرج الله منه روح الإيمان)، فسئل إن كان المقصود بالروح ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: (وأيدهم بروح منه)؟ فقال علينا سلامه: (نعم). وذلك لأن الإيمان أعلى وأجل من الإسلام.

والدليل على أن الإيمان أعلى وأجل من الإسلام هو قول الإمام الصادق علينا سلامه: (الإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إن الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن، وإن اجتمعا في القول والصـفة)، ولذلك قال تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم). فالمقصر المشبه والمعطل لا يعدو كونه مسلمًا، أما المؤمن فهو البالغ في المعرفة بدليل قول الإمام الصادق علينا سلامه: (الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبـده ورسوله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان؛ فهذا الإسلام. والإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا، فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلمًا وكان ضالا).

وهذا التفريق بين المقصر المشبه والمعطل الذي قد يزني عقليا وحسيا، والمؤمن العارف الذي لا يزني عقليا ولا حسيا، هو ما يفسر رواية إبراهيم الليثي حين سأل الإمام الباقر علينا سلامه عن المؤمن المستبصر: هل يزني؟ أجاب: لا يزني أبدًا. قال: هل يلوط؟ أجاب: لا. قال: وهل يذنب؟ أجاب علينا سلامه: (نعم، إلا أنه إذا أذنب لا يلحقه من ذنبه شيء لأن المؤمن مزج به من اللمم)، وهو المذكور في قوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة).

 

نكتفي لعدم الإطالة والله أعلم

الباحث الديني العلوي الدكتور أحمد أديب أحمد

لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا

حكم الزنى عند العلويين النصيريين

‫11 تعليقات

  1. عافاك الله من كل شر…. س ع… س… عليك سلام الله… لو ندرك من خلالك بمايخص علم التقمص بما فيه إفادة للمتقين… ولك أجر مافعلت وكتبت لخير المؤمنين

  2. شكرا الك دكتور
    دكتور ماهو تعريف الزنى العقلي والزنى الحسي
    وماهو الفرق

  3. حياك الله وبياك
    نشعر بالسعادة لوجود صفحة راقية تخص الطائفة العلوية
    شكراً لك دكتور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى