منطق العدل الوجودي
منطق العدل الوجودي
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
إن التوجه للرب يقوم على أسس معرفة سمات التجلي والإشارة لها والصلة، والتوجه يكون لسمات التجلي دعاءً لا عبادةً، لأنها لطف ورحمة من الرب جل وعلا، فالسالك يحتاج إلى السمات لإثبات التجلي، ولكن الرب منفرد عن السمات، فالإجلال والتعظيم للرب عن السمات واجب ضرورةً ليتحقق العرفان.
فالرب لم تقع عليه سمة قبل التجلي، ولو كانت موجودةً قبل التجلي فلمن تكون؟ إنما عندما أوجد العقلانيات بسمات خاصة بهم، أوجب العدل أن يتجلى لهم كسماتهم إثباتًا، وهو ما أشار إليه سيدنا النبي موسى الكليم في سفر التثنية بقوله: (العدل العدل تتبع لكي تحيا)، وهنا وقع الآخرون بالإنكار عندما زعموا أن سمات التجلي هي العدم، لأن سمات التجلي عندنا هي آلاء الرب الأحد التي جعلها مماثلةً لسمات أهل العقل والحس.
إن شهود سمات التجلي يكون بعد وجود أهل العقل والحس لقول الفيلسوف الأعظم أفلاطون: (علم الماهيات الرياضية المتحققة في المحسوسات هو الاستدلال)، فالاستدلال يكون بعد تجلي الرب، وإن الرب لابد أن يوجد الخلق بسمات محسوسة ومعقولة هي ماهية لهم، ثم يماثلهم كسماتهم فتطلق عليه التسمية، أي أن الرب يسمى خالقًا بعد إيجاد الخلق، وقادرًا بعد إيجاد القدرة، وعالمًا بعد إيجاد العلم، لقول الإمام علي (م) لأويس القرني (ع): (يا أويس، خلق القدرة فصار قادرًا).
فمنطقنا العلوي قائم على الإثبات والإقرار بشهود إشراق التجلي، لأن التوجه إلى غائب معدوم غير جائز عرفانيا، فالتعطيل أساس أهل الإنكار الذين ينكرون التجلي، ويشيرون إلى المعدوم، ويحيلون الرب إلى العدم، وهذا هو أساس التعطيل.
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا