المنطق العلوي

منطق الجود الإلهي

منطق الجود الإلهي

بقلم الأستاذ المهندس:

أسامة حافظ عبدو

 

إن صاحب الجود لم يكن قبل تجليه قبل ولا بعد، بل كان ولا فعل ولا مفعول معه، ولم يخضع لكيف، ولا حين ولا أين، ولا زمان ولا أوان ولا وقت، ليس معه قبل ولا بعد، ولا فوق ولا تحت، ولا قرب ولا بعد، فالرب مجرد عن الواحدية والوحدانية، فرد مجرد عن الفردانية والإثنينية، غير مركب من الأعداد، ولولا رحمته لما كان هناك جود للرب بدليل قول سيدنا المسيح (ع): (ارحمنا لأنك خلقتنا ونحن عمل يدك)، ولولا جوده لما كان هناك وجود لمن تلا الموجود الأول من الموجودات، وهو ما أشار إليه سيدنا داؤود (ع) في مزاميره بقوله: (أنا مؤمن بأن أرى جود الرب في أرض الأحياء)، فاحذروا الوقوع في شرك الحلول والتشبيه.

وإن صاحب الجود في جوده الدائم لا يحل في الموجودات، ولا موجود يحل فيه، ولا يدخل في الموجودات حلولاً ولا يخرج منها عدمًا، فإذا أردنا معرفته حق معرفته وجب أن نعرف أن الرب لا يعرف بالحس ولا بالإدراك، ولا بالفهم ولا بالوهم، ولا بالعلم ولا بالعقل، لقول الإمام علي (م): (الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد)، وقوله: (به يعرف العقل لا بالعقل يعرف).

وإن صاحب الجود هو جود الرب، فمن أقر بالجود الرباني بلا حلول ولا إنكار، وعرف أنه لا تفاوت في جوهره، فقد أثبت وجوده ونعم بجوده، وفي هذا المعنى قال الفيلسوف الأعظم أفلاطون: (من عرف ذاته تأله).

 

الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو

لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى