مقدمة كتاب المنطق العلوي
مقدمة كتاب المنطق العلوي
ينبغي أن نعيد النظر بالعقائد التقليدية، ونبدأ البحث من نقطة الصفر في بعض الأمور التي وصلت إلى درجة عدم التمييز بين الأصولية والسطحية، وبين الإفراط والتفريط.
فالأصوليون والسطحيون- على حد سواء- يفهمون الدين على غير حقيقته، إذ يفهمونه كشعائر وطقوس شكلية يمارسونها بعيدًا عن الروحانية، وبالتالي فإن فهمهم للدين كان من حيث الطاعة السلبية لأصحاب المصالح الذين استخدموا الدين لإشباع مآربهم، وحرفوا المقاصد العظيمة للدين عن المسار الصحيح، وقسموا الناس بدورهم إلى فرق متناحرة، فشاع الشقاق والنفاق والحسد والغيرة، ولم يبق من الدين الحقيقي إلا المظاهر الخارجية والأحكام المتوارثة المليئة بالتعصب والتزمت.
فأصحاب المصالح ثبتوا الطقوس والشعائر القشرية في عقول العامة وأبعدوهم عن الجوهر، واستخدموا الأوهام والخرافات للسيطرة على عقولهم، بل وتعمدوا خنق العقول وإطفاءها، حتى بات أكثر ما يقلقنا فئة الغوغاء المسخرة بأيديهم دومًا، والجاهزة للتلاعب كما يريد الأصوليون.
لهذا أردت أن يكون كتاب (المنطق العلوي) كتابًا يتجاوز الظروف والمناسبات، ويرتفع فوق خلافات الأفرقاء، ويحلق عاليًا لكي يقبض على الإشكال ويوضح الجواهر.
فكتاب (المنطق العلوي) له رؤية خاصة بالكتابات المقدسة من خلال نقاط عدة:
- الأولى: الآراء المتعصبة والمسبقة لرجال القشور، والتي تعد أكبر عقبة في مواجهة دراسة الحقائق، وبالتالي فإننا نحاول تفكيك آراء السطحيين وتحرير عقول السالكين منها.
- الثانية: يجب تغيير الصورة الشائعة عن الحقائق بعيدًا عن الاتهامات العشوائية.
- الثالثة: هناك مسؤولية تاريخية في هذه الفترة لتوضيح الحقائق وتشخيص المشكلات، والتحديق بها وجهاً لوجه مهما كانت الخطورة.
فالمطلوب إذن دراسة نقدية للسطحيات الدينية، للوصول إلى الحقائق عن طريق الحجة والبرهان، لا عن طريق التعصب والقشور.
وإذا أرادت العامة الخروج من الحالة العشوائية التي تعيش فيها، فما عليها إلا أن تطبق المنهجية العقلانية على النصوص الدينية للتخلص من الأوهام.
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا