المنطق العلوي للعبادة
المنطق العلوي للعبادة
بقلم الأستاذ المهندس:
أسامة حافظ عبدو
البحث عن عرفان أي شيء هو أساس وجوده، لأن المعدوم لا وجود له، فالعبادة لها نصيب في المنطق العلوي الحقيقي من جهة أن لها أصلاً تكوينيا، والمبدأ التكويني لمنطقنا العلوي الحقيقي ظهر في تخطي مجموعة التشريعات والحركات للجوارح، لأن منطق العبادة عندنا يتخطى مجموعة التشريعات والحركات إلى ما هو حقيقي نظير (أم الكتاب). وهكذا تكمن ذروة سر المنطق العلوي في شهود الرب، واليقين هو سبيل الوصول إلى القمة بدليل قول الإمام علي (م): (التصديق بملكوت السماوات والأرض عبادة الصادقين).
فالتمثل الملكوتي لمنطقنا العلوي حول العبادة هو البرزخ الصعودي لمعراج الأنبياء والرسل، وليس المطلوب الوقوف عند إطار العبارة فقط. وعلى هذا فأساس سر منطق العبادة عندنا كامن في برزخ العيان، وهو برزخ جمال المعبود الذي يتخطى الحركات الإدراكية، فالجمال اليوسفي المشهود قد أفنى النسوة، فما هو حال الجمال المعهود؟
إن منطق العبادة ليس نظير شكلها المحسوس، لأن العبادات الشكلية الخالية من الروح لا يتوفر فيها العرفان أبدًا. فمنطق العبادة يمتد لتكون العبادة مطهرةً من كسوة أية كثرة تشريعية مثتناقضة، ومنطقنا العلوي هو الذي تتوفر فيه الفاعلية المطلوبة للوصول إلى المقام المحمود، فالعبادة عندنا هي السير المطلق للوصول إلى المقام المحمود.
كما يؤكد منطقنا العلوي أن الأسرار وهبية لدنية من جهة، ولها وجه كسبي من جهة أخرى، وعلى هذا فإن نهاية الحقيقة في منطقنا للعبادة ليست جمعًا بين الحشو والحقائق لقول سيدنا المسيح (ع): (لا تنظروا في صلواتكم إلى كثرة الكلام لأن الله ينظر إلى القلب كما قال سليمان: يا عبدي أعطني قلبك).
إن التشريع المسيحي يختلف عن التشريع الموسوي، إذ إن هناك فرقًا بين أهل الشرائع في كتب التنزيل. وقد حصل الانحراف عن العمق، وتم التعلق بالشكل، فاختلفت الآراء وتناقضت الأقوال عند الذين استبدلوا التأويل الذي هو خير بالذي هو أدنى، وأظهر الرب التلبيس على أهل الكفر والجحود والإنكار ليعذبهم، لأن أهل العبارة لا يعتقدون إلا بالمحسوس فقط، ويجحدون ما يراد من الجواهر، وهم يدينون بالمثل ويكفرون بالممثول.
فمن عرف الجواهر استغنى عن العبارة، لأن الرب شرع الحدود المفترضات لامتحان العباد بأداء الطاعات، فيتميز الداني من القاصي والمطيع من العاصي. وهكذا نجد الصالحين قد عقلوا هذه الأوامر بمعرفة حقائقها وجواهرها لذلك يجزون بما يستحقون من جزيل الثواب، وينالون المنة الدائمة من لدن العزيز الوهاب، فطوبى لهم وحسن مآب.
الأستاذ المهندس: أسامة حافظ عبدو
لتحميل نسخة بتنسيق PDF انقر هنا
تعليقك
عظم الله اجركم
اجرك عظيم
تعليقك
عظم الله اجركم وجزاكم الله خيرا
اجرك عظيم
أمدكم الله بالمزيد وحياكم على ماتقدمونه من كلام يبلسم القلوب ويشبع العقول
بوركت